إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(159)

 

 

هذه الآية تشرح الآية التى سبقت خواطرنا عنها ، وهى قوله الحق :

{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153)} (سورة الأنعام)

والذين فرقوا دينهم نسوا أن الدين إنما جاء ليجمع لا ليفرق ، والدين جاء ليوحد مصدر الأمر والنهى فى الأفعال الأساسية فلا يحدث بيننا وبين بعضنا إى خلاف ، بل الخلاف يكون فى المباحات فقط ، إن فعلتها فأهلاً وسهلاً ، وإن لم تفعلها فأهلاً وسهلاً ، وما لم يرد فيه أفعل ولا تفعل ، فهو مباح .

إذن الذين يفرقون فى الدين إنما يناقضون منهج السماء الذى جاء ليجمع الناس على شئ واحد ، لتتساند حركات الحياة فى الناس ولا تتعاند ، وإذا كان لك هوى ، وهذا له هوى ،وذلك له هوى فسوف تتعاند الطاقات ، والمطلوب والمفروض أن الطاقات تتساند وتتعاضد .

والشيع هم الجماعة التى تتبع أمراً ، هذا الأمر يجمعهم ولو كان ضلالاً.

وهناك تشيع لمعنى نافع وخير ، وهناك تشيع لعكس ذلك ، والتشيع على إطلاقه هو أن تجمع جماعة على أمر ، سواء كان هذا الأمر خيراً أم شرا.

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ...(159)}

(سورة الأنعام)

إذن هم بعيدون عن منهجك يا محمد ، ولا يصح أن ينسبوا إلى دينك ، لأن الإسلام جاء لإثبات القيم للوجود مثل الماء لإثبات حياة الوجود . ونعرف أن الماء لا يأخذ لوناً ولا طعماًَ ولا رائحة ، فإن أخذ لوناً أو طعماً أو رائحة فهو يفقد قيمته كماء صاف . وكذلك الإسلام إن أخذ لوناً ،وصار المسلمون طوائف ، فهذا أمر يضر الدين ، وعلينا أن نعلم أن الإسلام لون واحد .

{...إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(159)} (سورة الأنعام)

إن شاء سبحانه عاجلهم بالهزيمة أو بالعذاب ، وإن شاء آجلهم إلى يوم القيامة .