أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ

إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)

 

و (( الأمن )) هو الأطمئنان إلى قضية لا تثير مخاوف ولا متاعب, ويقال : فلان ((آمن)) , أى لا يوجد مايكدر حياته. والحق يقول (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ) ونحن نسمع بعض الكلمات حين ينسبها الله لنفسه نستعظمها, ونقول: وهل يمكر ربنا؟ لأننا ننظر إلى المكر كعمليه لا تليق..... وهنا نقول : انتبه إلى أن القرآن قد قال :

 

(وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)

من الآيه 43 سورة فاطر

 

إذن ففيه مكر خير, ولذلك قال الحق :

 

( وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

 من الآيه 54 سورة آل عمران 

 

 والمكر أصله الالتفاف . وحين نذهب إلى حديقه أو غابه نجد الشجر ملتف الأغصان وكأنه مجدول بحيث لا تستطيع أن تنسب ورقة فى أعلى إلى غصن معين, لأن الأغصان ملفوفه بعضها على بعض, وكذلك نرى هذا الالتفاف فى النباتات المتسلقة ونجد أغصانها مجدوله كالحبل.

أذن فالمكر مؤداه أن تلف المسائل, فلا تجعلها واضحه. ولكى تتمكن من خصمك فأنت تبيت له أمراً لا يفطن إليه , وأذا كان الإنسان من البشر حين يبيت لأخيه شراً ,ويفتنه فتناً يُعمى عليه وجه الحق وليس عند الأنسان العلم الواسع القوى الذى يمكر به على كل من أمامه من خصوم لأنهم سيمكرون له أيضا. وأذا كان هناك مكر وتبييت لا يكتشفه أحد فهو مكر وتبييت الله لأهل الشر, وهذا هو مكر الخير, لأن الله يحمى الوجود من الشر وأهله بإهلاكهم.

 

 أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ

(99) سورة الاعراف

 

وهناك من يسأل : هل أمن الأنبياء مكر الله؟ نقول نعم. لقد أمنوا مكر الله باصطفائهم للرسالة, وهناك من يسأل : كيف أذن لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون؟!نقول : لقد جاء فى منهج الرسل جميعاً أن الذى يأمن مكر الله هو الخاسر, لأن الله هو القادر, وهو الذى أنزل المنهج ليختار الإنسان به كسب الدنيا والآخرة إن عمل به, وإن لم يعمل به يخسر طمأنينه الإيمان فى الدنيا وإن كسب فيها مالاً أو جاهاً أو علماً, ويخسر الآخرة أيضا.

ويتابع سبحانه :

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا

أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ

عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)