قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا

لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)

 

 

عرفنا أن الملأ هم القوم الذين يتصدرون المجالس, ويملأونها أو الذين يملأون العيون هيبه, والقلوب مهابة وهم هنا المقربون من فرعون. وكأنهم يملكون فكرة وعلماً عن السحر. وفى سورة الشعراء جاء القول الحق:

 

(قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) 

 سورة الشعراء

 

إذن فهذه رواية جاءت بالقول من الملأ, والآية الأخرى جاءت بالقول على لسان فرعون, وليس فى هذا أدنى تناقض, ومن الجائز أن يقول فرعون: ‘نه ساحر, وأيضاً أن يقول الملأ : إنه ساحر. وتتوارد الخواطر فى أمر معلوم متفق عليه. وقد حدث مثل هذا فى القرآن حينما نزلت آيات فى خلق الإنسان وتطوره بأن كان علقه فمضغه إلخ فقال كاتب الوحى بصوت مسموع:

 

(فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ

    من الآيه(14) سورة المؤمنون

 

عن أنس رضى الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: وافقت ربى فى أربع: نزلت هذه الآيه :( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) قلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت : (فتبارك الله أحسن الخالقين).                                  رواه ابن أبى حاتم

 

وعن زيد بن ثابت الأنصارى قال: أملى علىً رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيه: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) إلى قوله : (....خلقاً آخر) فقال معاذ: (فتبارك الله أحسن الخالقين) فضحك رسول الله صلى الله علية وسلم, فقال له معاذ: مِمَ تضحك يا رسول الله ؟ فقال : (( بها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين)) رواه ابن أبى حاتم وأورده ابن كثير فى تفسيره وقال : وفى إسناده جابر بن زيد الجعفى ضعيف جداً, ونرى أن خبر سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لأصح. 

لقد جاءت الخواطر  فى الحاله المهيجة لأحاسيس الإيمان لحظه نزول الوحى بمراحل خلق الإنسان.

فما الذى يمنع من توارد الخواطر فيجئ الخاطر عند فرعون وعند الملأ فيقول ويقولون؟ أو يكون فرعون قد قالها وعلى عادة الأتباع والأذناب إذا قال سيدهم شيئاً كرروه.

 

(قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)

 

 سورة الأعراف

 

ولم يصفوا فعل سيدنا موسى بأنه ساحر فقط بل بالغوا فى ذلك وقالوا: إنه ساحر عليم. وأضافوا ما جاء على السنتهم بالقرآن فى هذه السورة.

 

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)