" قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49)"

 الشعراء

اذن : فهو لا يشك في ان ما رآه السحرة موجب للأيمان ولا يشكك في ذلك لكن المسألة كلها " قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ .. (49)" الشعراء فمازال حريصا على ألوهيته وجبروته حتى بعد ان كشف امره وظهر كذبه وامن الملا بالإله الحق . ثم أراد ان يبرر موقفه بين دهماء العامة حتى لا يقول احد انه هزم وضاعت هيبته فقال : إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ .. (49)" الشعراء في حين القوم يعلمون ان موسى عليه السلام لم يجلس طيلة عمره الى ساحر لكن فرعون يأخذها ذريعة لينقذ ما يمكن إنقاذه0 من مركزه الذي تهدم وألوهيته التي ضاعت.

ثم يهددهم بأسلوب ينم عن اضطرابه وانه فقد توازنه واختل حتى في تعبيره حيث يقول " فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ...(49)" الشعراء وسوف تدل على المستقبل مع انه لم يؤخر تهديده لهم بدليل انه قال بعدها : " لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49)" الشعراء " مِنْ خِلَافٍ (49)" الشعراء"يعني اليد اليمنى مع الرجل اليسرى او اليد اليسرى مع الرجل اليمنى .

وقوله " َلَأُصَلِّبَنَّكُمْ (49)" الشعراء أوضحه في اية أخرى :

 

" وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ .. (71)" طه

 

 فماذا كان جواب المؤمنين عليه ؟

 

" قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50)" الشعراء أي : لا ضرر علينا ان قتلنا لان مصير الجميع الموت لكن ان كانت نهايتنا على يديك فسوف نسعد نحن بلقاء ربنا وتشقى انت بجزاء ربك كالطاغية الذي قال لعدوه : لا قتلنك فضحك فقال له : أتسخر مني وتضحك ؟ قال : وكيف لا اضحك من أمر تفعله بي يسعدني الله به وتشقى به انت ؟

اذن : لا ضرر علينا ان قتلنا لأننا سنرجع الى الله ربنا وسنخرج من ألوهية باطلة الى لقاء الألوهية الحقة فكأنك فعلت فينا جميلا وأسديت لنا معروفا إذ أسرعت بنا الى هذا اللقاء وما تظنه في حقنا شر هو عين الخير لذلك فهم الشاعر هذا المعنى فقال عنه :

ولست أبالي حين اقتل مسلما                    على أي جنب كان في الله مصرعي

يعني : ما دمت قد مت في سبيل الإسلام فلا  يهم بعد ذلك ولا أبالي أي موته هي .

والمؤمنون هنا حريصون على أمرين : الأول : نفي الضرر لان درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة والثاني : التأكيد على النفع الذي سينالونه من هذاا القتل .