ثم يتوجه إليهم ليصحح بعض المسائل الخاصة بهم :

" أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ (128)"

وهذه خصوصية من خصوصيات قوم هود والريع : هو المكان المرتفع لذلك بعض الناس يقولون : كم ريع بنائك ؟ يعني : ارتفاعه كم مترا فكأن الارتفاع يثمن البقعة ويطلق الريع على الارتفاع في كل شئ (1) .(1) في كلمة الريع أقوال :

-         ما ارتفع من الأرض في قول ابن عباس وغيره

-         الريع : الطريق قاله قتادة والضحاك والكلبي ومقاتل والسدي وابن عباس ايضا

-         الريع : الفج بين الجبلين قاله مجاهد

-         الريع : بنيان الحمام دليله تعبثون " أي : تلعبون أي : تبنون بكل مكان مرتفع اية علما تلعبون بها على معنى ابنية الحمام وبروجها ( تفسير القرطبي 7/5002 – 5003 )

وكلمة " آَيَةً.. (128)" الشعراء بعد " أَتَبْنُونَ .. (128)" الشعراء تعني : القصور العالية التي تعتبر اية في الإبداع وجمال العمارة والزخرفة والفخامة والاتساع والرفعة في العلو . وقال " تَعْبَثُونَ (128)" الشعراء لانهم لن يخلدوا في هذه القصور ومع ذلك يشيدونها لتبقي أجيال من بعدهم فعد هذا عبثا منهم لان الانسان يكفيه اقل بناء ليأويه فترة حياته . أو " تَعْبَثُونَ (128)" الشعراء لانهم كانوا يجلسون في شرفات هذه القصور يصدون الناس ويصرفونهم عن هود وسماع كلامه ودعوته التي تلفتهم الى منهج الحق .

ونحن لم نر حضارة عاد ولم نر أثارهم كما ريانا مثلا أثار الفراعنة في مصر لان حضارة عاد طمرتها الرمال وكانوا بالجزيرة العربية في منطقة تسمى الآن بالرع الخالي لأنها منطقة من الرمال الناعمة التي يصعب السير او المعيشة بها لكن لكي نعرف الحضارة نقرا قوله تعالى في سورة الفجر :

 

" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)" الفجر

 

وما دامت لم يخلق مثلها في البلاد فهي أعظم من حضارة الفراعنة التي نشاهدها الآن ويفد إليها الناس من كل إنحاء العالم ليشاهدوا الأهرام مثلا وقد بنيت لتكون مجرد مقابر ومع تقدم العلم في عصر الحضارة والتكنولوجيا مازال هذا البناء محيرا للعلماء لم يستطيعوا حتى الآن معرفة الكثير من أسراره

ومن هذه الأسرار التي اهتدوا إليها حديثا كيفية بناء أحجار الأهرام دون ملاط (1) (1) ملط الحائط : طلاه والملاط : الطين الذي يجعل بين ساقي البناء ويملط به الحائط ( لسان العرب – مادة : ملط )  مع ضخامتها وقد توصولوا الى انها بنيت بطريقة تفريغ الهواء مما بين الاحجار وهده النظرية تستطيع ملاحظتها حين تضع كوبا مبللا بالماء على المنضدة مثلا ثم تتركه فترة حتى يتبخر الماء من تحته فاذا أردت ان ترفعه من مكانه تجده قد لصق بالمنضدة .

وليس عجيبا ان تختفي حضارة كانت أعظم حضارات الدنيا تحت طبقات الرمال فالرمال حين تثور تبتع كل ما أمامها حتى انها طمرت قبيلة كاملة بجمالها ورجالها وهذه هبة واحدة فما بالك بثورة الرمال وما تسفوه الريح طوال ألاف السنين ؟

وأنا واثق من انهم اذا ما نبشوا هذه الرمال وأزاحوها لوجدوا تحتها أرضا خصبة وأثارا عظيمة كما نرى الاكتشافات الأثرية الآن كلها تحت الأرض وفي فيينا إثناء حفر احد خطوط المجاري هناك وجدوا أثارا لقصور ملوك سابقين .

وطالما ان الله تعالى قال عن عاد :

" أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ (128)"الشعراء

فلابد ان هناك قصورا ومباني مطمورة تحت هذه الرمال .