يقول الحق سبحانه :

{ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(3) }

سبب نزول الآية : ورد فى سبب نزول هذه الآية عدة روايات , منها :

1- أخرج أحمد فى مسنده ( 2/159 ، 223 ) عن عبدالله بن عمر أن رجلا" من المؤمنين استأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فى امرأة يقال لها أم مهزول كانت تسافح و تشترط له أن تنفق عليه فاستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو ذكر له أمرها . فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية . و أخرجه كذلك الواحدى فى أسباب النزول ( ص 180 ) .

2- أخرج الترمذي في سننه (3177 ) و أبو داود فى سننه ( 2051 ) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كان رجل يقال له مرثد و كان رجلا" يحمل الأسارى من مكة حتى يأتى بهم المدينة و كانت امرأة بغى بمكة يقال لها عناق و كانت صديقة له و أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أنكح عناقا" ، أنكح عناقا" ؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يرد على شيئا" حتى نزلت الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا مرثد ، الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة فلا تنكحها " .

 

{ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ...(3) } [النور] لأن الزواج يقوم على التكافؤ , حتى لا يستعلى أحد الزوجين على الآخر , و الزانى فيه خسة ، فلا يليق به إلا خسيسة مثله يعنى : زانية , أو أخس و هى المشركة ؛ لأن الشرك أخس من الزنا , لأن الزنا مخالفة أمر توجيهى من الله , أما الشرك فهو كفر بالله ؛ لذلك فالمشركة أخبث من الزانية . و ما نقوله فى زواج الزانى نقوله فى زواج الزانية { وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ... (3) }[النور]

 

و هنا يعترض البعض :كيف إن كانت الزانية مسلمة : أينكحها مشرك ؟ قالوا : التقابل هنا غرضه التهويل و التفظيع فقط لا الإباحية ؛ لأن المسلمة لا يجوز أن تتزوج مشركا أبدا , فالآية توبيخ لها : يا خسيسة ، لا يليق بك إلا خسيس مثلك أو أخس .

و أرى أن النص محتمل لانفكاك الجهة ؛ لأن التى زنتْ تدور بين أمرين : إما أنها أقبلت على الزنا و هى تعلم أنه مُحرْم ، فتكون عاصية باقية على إسلامها ، أو أنها ردت حكم الزنا و اعترضت عليه فتكون مشركة ، و فى هذه الحالة يستقيم لنا فهم الآية .

ثم يقول تعالى : { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(3) } [النور] فهذا سبب طُهْر الأنسال أن يُحُرم الله تعالى الزنا ، فيأتى الخليفة طاهر النسل و العنصر ، محضونا" بأب و أم ، مضموما" بدفء العائلة ، لا يتحملون عليه نسمة الهواء ؛ لأنه جاء من وعاء طيب طاهر نظيف .