قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)

ويستعيذ يوسف عليه السلام بالله أن يأخذ أحداً بدلاً ممن وجد في متاعه صواع الملك، فما ذنبه في هذا الأمر؟ ولا أحد يمكن أن ينال عقاباً على ذنب ارتكبه غيره. وساعة تقرأ "إذا" منونة؛ فاعرف أن هناك جملة محذوفة، أي: أن يوسف قال: إن أخذنا غير من وجدنا متاعنا عنده نكون من الظالمين.
وجاء "التنوين" بدلاً من الجملة المحذوفة التي ذكرناها. ومثال آخر من القرآن هو قول الحق سبحانه:

وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84)
(سورة الواقعة)


ويحدث ذلك حين تبلغ الروح الحلقوم، وجاء "التنوين" عوضاً عن الجملة كلها. وهكذا أراد يوسف أن يذكرهم أنه لا يحق له أن يأخذ أخاً منهم بدلاً من بنيامين؛ لأنه هو من وجد في متاعه صواع الملك؛ ولا يصح له أن يظلم أحداً، أو يأخذ أحداً بجريرة أحد آخر.
وهنا علم أبناء يعقوب أن المسألة لا يبت فيها بسهولة؛ لأنها تتعلق بأمر خطير. ويصور الحق سبحانه حالتهم هذه فيقول:

فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)